أذكار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

معرفة الله بخلقة الإنسان

اذهب الى الأسفل

معرفة الله بخلقة الإنسان Empty معرفة الله بخلقة الإنسان

مُساهمة من طرف Admin 6/5/2019, 09:57

(وفى خلقكم وما يبث من دآبة ءايت لقوم يوقنون)

عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام): فكر - يا مفضل - في أعضاء البدن أجمع وتدبير كل منها للإرب؛ فاليدان للعلاج، والرجلان للسعي، والعينان للاهتداء، والفم للاغتذاء، والمعدة للهضم، والكبد للتخليص، والمنافذ لتنفيذ الفضول، والأوعية لحملها، والفرج لإقامة النسل، وكذلك جميع الأعضاء إذا تأملتها وأعملت فكرك فيها ونظرك؛ وجدت كل شيء منها قد قدر لشيء على صواب وحكمة.
فقلت: يا مولاي، إن قوما يزعمون أن هذا من فعل الطبيعة!
فقال: سلهم عن هذه الطبيعة، أهي شيء له علم وقدرة على مثل هذه الأفعال، أم ليست كذلك؟ فإن أوجبوا لها العلم والقدرة فما يمنعهم من إثبات الخالق؟ فإن هذه صنعته، وإن زعموا أنها تفعل هذه الأفعال بغير علم ولا عمد، وكان في أفعالها ما قد تراه من الصواب والحكمة علم أن هذا الفعل للخالق الحكيم، وأن الذي سموه طبيعة هو سنة في خلقه الجارية على ما أجراها عليه....

أنظر الآن - يا مفضل - إلى هذه الحواس التي خص بها الإنسان في خلقه وشرف بها على غيره، كيف جعلت العينان في الرأس كالمصابيح فوق المنارة ليتمكن من مطالعة الأشياء، ولم تجعل في الأعضاء التي تحتهن كاليدين والرجلين فتعرضها الآفات، وتصيبها من مباشرة العمل والحركة ما يعللها ويؤثر فيها وينقص منها، ولا في الأعضاء التي وسط البدن كالبطن والظهر فيعسر تقلبها واطلاعها نحو الأشياء، فلما لم يكن لها في شيء من هذه الأعضاء موضع كان الرأس أسنى المواضع للحواس، وهو بمنزلة الصومعة لها.
فجعل الحواس خمسا تلقى خمسا لكيلا يفوتها شيء من المحسوسات، فخلق البصر ليدرك الألوان؛ فلو كانت الألوان ولم يكن بصر يدركها لم يكن منفعة فيها، وخلق السمع ليدرك الأصوات؛ فلو كانت الأصوات ولم يكن سمع يدركها لم يكن فيها إرب، وكذلك سائر الحواس، ثم هذا يرجع متكافئا؛ فلو كان بصر ولم يكن ألوان لما كان للبصر معنى، ولو كان سمع ولم يكن أصوات لم يكن للسمع موضع.
فانظر كيف قدر بعضها يلقى بعضا فجعل لكل حاسة محسوسا يعمل فيه، ولكل محسوس حاسة تدركه، ومع هذا فقد جعلت أشياء متوسطة بين الحواس والمحسوسات، لا يتم الحواس إلا بها، كمثل الضياء والهواء؛ فإنه لو لم يكن ضياء يظهر اللون للبصر لم يكن البصر يدرك اللون، ولو لم يكن هواء يؤدي الصوت إلى السمع لم يكن السمع يدرك الصوت، فهل يخفى على من صح نظره وأعمل فكره أن مثل هذا الذي وصفت من تهيئة الحواس والمحسوسات بعضها يلقى بعضا، وتهيئة أشياء أخر بها تتم الحواس لا يكون إلا بعمد وتقدير من لطيف خبير؟


(ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون).

(فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنآ إنا خلقناهم من طين لازب).

(خلق الانسان من صلصل كالفخار).

عن أبي عبد الله بن يزيد: حدثني يزيد بن سلام أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له...: فأخبرني عن آدم لم سمي آدم؟
قال: لانه خلق من طين الأرض وأديمها.
قال: فآدم خلق من طين كله أو طين واحد؟
قال: بل من الطين كله، ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا على صورة واحدة.
قال: فلهم في الدنيا مثل؟
قال: التراب فيه أبيض وفيه أخضر وفيه أشقر وفيه أغبر وفيه أحمر وفيه أزرق، وفيه عذب وفيه ملح، وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب، فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم خشن، وفيهم أبيض وفيهم أصفر وأحمر وأصهب وأسود على ألوان التراب.

الإمام الصادق (عليه السلام): أول من قاس إبليس؛ قال: (خلقتني من نار وخلقته من طين) ولو علم إبليس ما جعل الله في آدم لم يفتخر عليه.
- ثم قال -: إن الله عز وجل خلق الملائكة من النور، وخلق الجان من النار، وخلق الجن - صنفا من الجان - من الريح، وخلق صنفا من الجن من الماء، وخلق آدم من صفحة الطين.


(وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا).

(فلينظر الانسان مم خلق * خلق من مآء دافق * يخرج منم بين الصلب والترآئب).

(ألم نخلقكم من مآء مهين * فجعلنه في قرار مكين).

(إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلنه سميعا بصيرا)

عن صحف إدريس (عليه السلام): فاز - يا أخنوخ - من عرفني، وهلك من أنكرني. عجبا لمن ضل عني وليس يخلو في شيء من الأوقات مني، كيف يخلو وأنا أقرب إليه من كل قريب، وأدنى إليه من حبل الوريد؟ ألست أيها الإنسان العظيم عند نفسه في بنيانه، القوي لدى همته في أركانه، مخلوقا من النطفة المذرة، ومخرجا من الأماكن القذرة، تنحط من أصلاب الآباء كالنخاعة إلى أرحام النساء، ثم يأتيك أمري فتصير علقة، لو رأتك العيون لاستقذرتك، ولو تأملتك النفوس لعافتك، ثم تصير بقدرتي مضغة لا حسنة في المنظر، ولا نافعة في المخبر، ثم أبعث إليك أمرا من أمري، فتخلق عضوا عضوا، وتقدر مفصلا مفصلا، من عظام مغشية، وعروق ملتوية، وأعصاب متناسبة، ورباطات ماسكة، ثم يكسوك لحما، ويلبسك جلدا، تجامع من أشياء متباينة، وتخلق من أصناف مختلفة، فتصير بقدرتي خلقا سويا لا روح فيك تحركك، ولا قوة لك تقلك...
فأنفخ فيك الروح، وأهب لك الحياة، فتصير بإذني إنسانا، لا تملك نفعا ولا ضرا، ولا تفعل خيرا ولا شرا، مكانك من أمك تحت السرة، كأنك مصرور في صرة، إلى أن يلحقك ما سبق مني من القضاء، فتصير من هناك إلى وسع الفضاء، فتلقى ما قدرك من السعادة أو الشقاء، إلى أجل من البقاء متعقب لا شك بالفناء، أأنت خلقت نفسك، وسويت جسمك، ونفخت روحك؟
إن كنت فعلت ذلك وأنت النطفة المهينة، والعلقة المستضعفة، والجنين المصرور في صرة، فأنت الآن في كمال أعضائك، وطراءة مائك، وتمام مفاصلك، وريعان شبابك، أقوى وأقدر؛ فاخلق لنفسك عضوا آخر، واستجلب قوة إلى قوتك، وإن كنت أنت دفعت عن نفسك في تلك الأحوال طارقات الأوجاع والأعلال، فادفع عن نفسك الآن أسقامك، ونزه عن بدنك آلامك، وإن كنت أنت نفخت الروح في بدنك وجلبت الحياة التي تمسكك، فادفع الموت إذا حل بك، وأبق يوما واحدا عند حضور أجلك.

فإن لم تقدر أيها الإنسان على شيء من ذلك، وعجزت عنه كله، فاعلم أنك حقا مخلوق، وأني أنا الخالق، وأنك أنت العاجز، وأني أنا القوي القادر، فاعرفني حينئذ واعبدني حق عبادتي، واشكر لي نعمتي أزدك منها، واستعذ بي من سخطتي أعذك منها؛ فإني أنا الله الذي لا أعبأ بما أخلق، ولا أتعب ولا أنصب فيما أرزق، ولا ألغب، إنما أمري إذا أردت شيئا أن أقول له كن فيكون.

Admin
المدير
المدير

ذكر المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 03/08/2017

https://azkar101.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

معرفة الله بخلقة الإنسان Empty رد: معرفة الله بخلقة الإنسان

مُساهمة من طرف Admin 6/5/2019, 10:11

(هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم).

(يأيها الانسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك).

(خلق السموات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير).

(الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بنآء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبت ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العلمين)

(لقد خلقنا الانسان في كبد).

(ما لكم لا ترجون لله وقارا * وقد خلقكم أطوارا).

(يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا منم بعد خلق في ظلمت ثلث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون)

الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله - تبارك وتعالى - يقول في كتابه: (لقد خلقنا الانسان في كبد) يعني: منتصبا في بطن أمه، مقاديمه إلى مقاديم أمه، وماخيره إلى ماخير أمه، غذاؤه مما تأكل أمه، ويشرب مما تشرب أمه، تنسمه تنسيما.

الإمام الباقر (عليه السلام): إذا وقعت النطفة في الرحم استقرت فيها أربعين يوما، وتكون علقة أربعين يوما، وتكون مضغة أربعين يوما، ثم يبعث الله ملكين خلاقين فيقال لهما: أخلقا كما يريد الله ذكرا أو أنثى، صوراه واكتبا أجله ورزقه ومنيته وشقيا أو سعيدا، واكتبا لله الميثاق الذي أخذه عليه في الذر بين عينيه، فإذا دنا خروجه من بطن أمه بعث الله إليه ملكا يقال له زاجر فيزجره، فيفزع فزعا فينسى الميثاق ويقع إلى الأرض يبكي من زجرة الملك.

عنه (عليه السلام): ثم يبعث الله ملكين خلاقين يخلقان في الأرحام ما يشاء الله، فيقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة فيصلان إلى الرحم، وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فينفخان فيها روح الحياة والبقاء، ويشقان له السمع والبصر وجميع الجوارح وجميع ما في البطن بإذن الله، ثم يوحي الله إلى الملكين: أكتبا عليه قضائي وقدري ونافذ أمري، واشترطا لي البداء فيما تكتبان، فيقولان: يا رب ما نكتب؟
فيوحي الله إليهما أن ارفعا رؤوسكما إلى رأس أمه، فيرفعان رؤوسهما، فإذا اللوح يقرع جبهة أمه، فينظران فيه، فيجدان في اللوح صورته وزينته وأجله وميثاقه شقيا أو سعيدا وجميع شأنه.
قال: فيملي أحدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما في اللوح ويشترطان البداء فيما يكتبان.

الإمام الصادق (عليه السلام) - في بيان كيفية نشوء الأبدان -: أول ذلك تصوير الجنين في الرحم حيث لا تراه عين ولا تناله يد، ويدبره حتى يخرج سويا مستوفيا جميع ما فيه قوامه وصلاحه من الأحشاء والجوارح والعوامل، إلى ما في تركيب أعضائه من العظام واللحم والشحم والمخ والعصب والعروق والغضاريف، فإذا خرج إلى العالم تراه كيف ينمي بجميع أعضائه، وهو ثابت على شكل وهيئة لا تتزايد ولا تنقص، إلى أن يبلغ أشده، إن مد في عمره أو يستوفي مدته قبل ذلك، هل هذا إلا من لطيف التدبير والحكمة؟

عنه (عليه السلام) - للمفضل بن عمر -: نبتدئ - يا مفضل - بذكر خلق الإنسان فاعتبر به؛ فأول ذلك ما يدبر به الجنين في الرحم، وهو محجوب في ظلمات ثلاث:
ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة، حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء ولا دفع أذى، ولا استجلاب منفعة ولا دفع مضرة؛ فإنه يجري إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات، فلا يزال ذلك غذاؤه حتى إذا كمل خلقه، واستحكم بدنه، وقوي أديمه على مباشرة الهواء، وبصره على ملاقاة الضياء، هاج الطلق بأمه فأزعجه أشد إزعاج وأعنقه حتى يولد، وإذا ولد صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه من دم أمه إلى ثدييها، فانقلب الطعم واللون إلى ضرب آخر من الغذاء، وهو أشد موافقة للمولود من الدم، فيوافيه في وقت حاجته إليه، فحين يولد قد تلمظ وحرك شفتيه طلبا للرضاع فهو يجد ثديي أمه كالإداوتين المعلقتين لحاجته إليه، فلا يزال يغتذي باللبن ما دام رطب البدن، رقيق الأمعاء، لين الأعضاء، حتى إذا تحرك واحتاج إلى غذاء فيه صلابة ليشتد ويقوى بدنه طلعت له الطواحن من الأسنان والأضراس، ليمضغ به الطعام فيلين عليه ويسهل له إساغته، فلا يزال كذلك حتى يدرك، فإذا أدرك وكان ذكرا طلع الشعر في وجهه، فكان ذلك علامة الذكر وعز الرجل الذي يخرج به من حد الصبا وشبه النساء، وإن كانت أنثى يبقى وجهها نقيا من الشعر، لتبقى لها البهجة والنضارة التي تحرك الرجال لما فيه دوام النسل وبقاؤه.
اعتبر - يا مفضل - فيما يدبر به الإنسان في هذه الأحوال المختلفة، هل ترى يمكن أن يكون بالإهمال؟ أفرأيت لو لم يجر إليه ذلك الدم وهو في الرحم؛ ألم يكن سيذوي ويجف كما يجف النبات إذا فقد الماء؟ ولو لم يزعجه المخاض عند استحكامه؛ ألم يكن سيبقى في الرحم كالموؤود في الأرض؟ ولو لم يوافقه اللبن مع ولادته؛ ألم يكن سيموت جوعا، أو يغتذي بغذاء لا يلائمه ولا يصلح عليه بدنه؟ ولو لم تطلع عليه الأسنان في وقتها؛ ألم يكن سيمتنع عليه مضغ الطعام وإساغته، أو يقيمه على الرضاع فلا يشد بدنه، ولا يصلح لعمل؟ ثم كان تشتغل أمه بنفسه عن تربية غيره من الأولاد، ولو لم يخرج الشعر في وجهه في وقته؛ ألم يكن سيبقى في هيئة الصبيان والنساء؛ فلا ترى له جلالة ولا وقارا؟
فإن كان الإهمال يأتي بمثل هذا التدبير فقد يجب أن يكون العمد والتقدير يأتيان بالخطأ والمحال؛ لأنهما ضد الإهمال، وهذا فظيع من القول، وجهل من قائله؛ لان الإهمال لا يأتي بالصواب، والتضاد لا يأتي بالنظام، تعالى الله عما يقول الملحدون علوا كبيرا .

Admin
المدير
المدير

ذكر المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 03/08/2017

https://azkar101.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى