أذكار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحجب الإلهية

اذهب الى الأسفل

الحجب الإلهية Empty الحجب الإلهية

مُساهمة من طرف Admin 7/5/2019, 13:54

التوحيد عن الحارث الأعور عن الإمام علي (عليه السلام): أنه دخل السوق، فإذا هو برجل موليه ظهره يقول: لا والذي احتجب بالسبع، فضرب علي (عليه السلام) ظهره، ثم قال: من الذي احتجب بالسبع؟
قال: الله يا أمير المؤمنين.
قال: أخطأت ثكلتك أمك! إن الله عز وجل ليس بينه وبين خلقه حجاب؛ لانه معهم أينما كانوا.
قال: ما كفارة ما قلت يا أمير المؤمنين؟
قال: أن تعلم أن الله معك حيث كنت.
قال: أطعم المساكين؟
قال: لا، إنما حلفت بغير ربك.


الإمام الصادق (عليه السلام): من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك؛ لان حجابه ومثاله وصورته غيره.


الكافي عن ابن أبي العوجاء: قلت له [أي الإمام الصادق (عليه السلام)]:... ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل؟ ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به؟ فقال لي: ويلك! وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك؛ نشوءك ولم تكن، وكبرك بعد صغرك، وقوتك بعد ضعفك وضعفك بعد قوتك، وسقمك بعد صحتك وصحتك بعد سقمك، ورضاك بعد غضبك وغضبك بعد رضاك، وحزنك بعد فرحك وفرحك بعد حزنك، وحبك بعد بغضك وبغضك بعد حبك، وعزمك بعد أناتك وأناتك بعد عزمك، وشهوتك بعد كراهتك وكراهتك بعد شهوتك، ورغبتك بعد رهبتك ورهبتك بعد رغبتك، ورجاءك بعد يأسك ويأسك بعد رجائك، وخاطرك بما لم يكن في وهمك، وعزوب ما أنت معتقده عن ذهنك، وما زال يعدد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه.

الإمام الكاظم (عليه السلام): ليس بينه وبين خلقه حجاب غير خلقه، احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور.

الإمام الرضا (عليه السلام): احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور.

الإمام علي (عليه السلام): بمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له... حجب بعضها عن بعض، ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه غير خلقه.

عنه (عليه السلام): لا تشمله المشاعر، ولا تحجبه الحجب، والحجاب بينه وبين خلقه خلقه إياهم؛ لامتناعه مما يمكن في ذواتهم، ولامكان مما يمتنع منه، ولافتراق الصانع من المصنوع، والحاد من المحدود، والرب من المربوب.

الإمام الرضا (عليه السلام): خلق الله الخلق حجاب بينه وبينهم، ومباينته إياهم مفارقته إنيتهم.

الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في قوله تعالى:... (ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى) -: ذاك رسول الله (صلى الله عليه وآله) دنا من حجب النور، فرأى ملكوت السماوات، ثم تدلى (صلى الله عليه وآله)، فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى.

الإمام الرضا (عليه السلام) - في قوله عز وجل: (يوم يكشف عن ساق) -: حجاب من نور يكشف فيقع المؤمنون سجدا.

رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل... حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.

عنه (صلى الله عليه وآله) - في الدعاء -: اللهم إني أسألك يا من احتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه، يا من تسربل بالجلال والعظمة، واشتهر بالتجبر في قدسه.

عنه (صلى الله عليه وآله): الحمد لله... وهو الكينون أولا، والديموم أبدا المحتجب بنوره دون خلقه، في الأفق الطامح، والعز الشامخ، والملك الباذخ، فوق كل شيء علا، ومن كل شيء دنا، فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى، وهو بالمنظر الأعلى، فأحب الاختصاص بالتوحيد؛ إذ احتجب بنوره، وسما في علوه، واستتر عن خلقه، وبعث إليهم الرسل؛ لتكون له الحجة البالغة على خلقه، ويكون رسله إليهم شهداء عليهم، وابتعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه، فيعرفوه بربوبيته بعد ما أنكروا، ويوحدوه بالإلهية بعدما عضدوا.

الإمام علي (عليه السلام) - في مناجاته في شهر شعبان -: إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك.

التوحيد عن يونس بن عبد الرحمن: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): لأي علة عرج الله بنبيه (صلى الله عليه وآله) إلى السماء، ومنها إلى سدرة المنتهى، ومنها إلى حجب النور، وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان؟
فقال (عليه السلام): إن الله - تبارك وتعالى - لا يوصف بمكان ولا يجري عليه زمان، ولكنه عز وجل أراد أن يشرف به ملائكته وسكان سماواته، ويكرمهم بمشاهدته، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه، وليس ذلك على ما يقول المشبهون، سبحان الله وتعالى عما يشركون.


* حجابه النور والظلمة
رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل دون سبعين ألف حجاب من نور وظلمة، وما يسمع من نفس شيئا من حس تلك الحجب إلا زهقت.

عنه (صلى الله عليه وآله): إن بين الله وبين خلقه سبعين (تسعين) ألف حجاب، وأقرب الخلق إلى الله أنا وإسرافيل، وبيننا وبينه أربعة حجب، حجاب من نور، وحجاب من ظلمة، وحجاب من الغمام، وحجاب من الماء.

روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن لله سبعين حجابا. وفي رواية أخرى: سبعمئة حجاب. وفي أخرى: سبعين ألف حجاب من نور وظلمة، لو كشفها عن وجهه لاحترقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه.

الإمام زين العابدين (عليه السلام) - في مناجاته -: اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلنا من الذين فتقت لهم رتق عظيم غواشي جفون حدق عيون القلوب، حتى نظروا إلى تدبير حكمتك وشواهد حجج بيناتك، فعرفوك بمحصول فطن القلوب، وأنت في غوامض سترات حجب القلوب، فسبحانك أي عين تقوم بها نصب نورك، أم ترقأ إلى نور ضياء قدسك؟
أو أي فهم يفهم ما دون ذلك إلا الأبصار التي كشفت عنها حجب العمية، فرقت أرواحهم على أجنحة الملائكة، فسماهم أهل الملكوت زوارا، وأسماهم أهل الجبروت عمارا، فترددوا في مصاف المسبحين، وتعلقوا بحجاب القدرة، وناجوا ربهم عند كل شهوة، فحرقت قلوبهم حجب النور، حتى نظروا بعين القلوب إلى عز الجلال في عظم الملكوت، فرجعت القلوب إلى الصدور على النيات بمعرفة توحيدك، فلا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

Admin
المدير
المدير

ذكر المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 03/08/2017

https://azkar101.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الحجب الإلهية Empty رد: الحجب الإلهية

مُساهمة من طرف Admin 7/5/2019, 14:02

تحليل لروايات الحجب:

إن ما روي في حجب الله تعالى ينقسم - كما لو حظ - إلى خمسة أقسام هي:
الأول: الروايات التي تؤكد انعدام الحجاب بين الله والخلق، وهذه الروايات تشير إلى صفته سبحانه وتعالى بالظاهر، وقد تم تبيينها في عدد من الروايات، كما يأتي:
" الظاهر لقلوبهم بحجته ".
" الظاهر بعجائب تدبيره للناظرين ".

الثاني: الروايات التي تدل على أن الله - جل شأنه - محجوب مع أنه لا حجاب له، وهي تشير إلى صفته - جل وعلا - بالباطن، كما جاء توضيحه في كلام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ قال:
" الباطن بجلال عزته عن فكر المتوهمين ".

الثالث: الروايات التي تدل على أن الحجاب بين الله والخلق يتمثل في كونهم مخلوقين، إذ من المحال أن يحيط المخلوق المحدود بالخالق الذي لا حدود له.

الرابع: الروايات التي تعبر عن حجاب الله - عز وجل - بالنور.
يحتمل - كما قيل - أن يكون المراد من الحجب النورانية رؤية العابد عبادة نفسه، فإن العبادة نور، لكن إن رآها السالك يصب بنوع من الأنانية التي تحجب المعرفة الشهودية.

وقيل: إن المراد بالحجب النورانية، المخلوقات الأفضل، بمعنى أن كل مخلوق أفضل يحجب ما دونه؛ لأنه واسطة الفيض إليه ولكن لا يستقيم هذا الاحتمال مع ما مر من الأحاديث في هذا الشأن، فتأمل.
إذا، يتيسر لنا أن نقول: إن المراد من خرق حجب النور بأبصار القلوب الوارد في المناجاة الشعبانية:
" وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة... " هو أن السالك في سلوكه إلى الله يبلغ نقطة تماط فيها حجب الأنانية كلها نتيجة لشدة حب الله سبحانه فلا يرى شيئا إلا الله سبحانه وتعالى، وكما قال الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي ما تعريبه:
" لا حجاب بين العاشق والمعشوق * فنفسك هي الحجاب يا حافظ فأزحها " وهذه المرحلة من معرفة الله وإن كانت تمثل أعلى منازل السلوك وأسمى درجات المعرفة لكنها لا تعني إحاطة المخلوق بالخالق ومعرفة كنه الله سبحانه قطعا، من هنا فإن سيد المرسلين وإمام أهل المعرفة أجمعين إذ يصرح على أن معرفة الكنه غير ميسرة له أيضا، يقول:
" الله أعلى وأجل أن يطلع أحد على كنه معرفته ".
وقال أيضا:
" يا من لا يعلم ما هو إلا هو ".
وقال كذلك:
" سبحانك ما عرفناك حق معرفتك ".

الخامس: الروايات التي تقسم حجب الله تعالى إلى حجب نورانية وظلمانية، وأشرنا قبل ذلك إلى المعنى المحتمل للحجب النورانية، أما القصد من الحجب الظلمانية فهو - على ما يبدو - الصدأ الذي يرين على البصائر ويحول دون معرفة الله بسبب الأعمال غير الصالحة، كما جاء في القرآن الكريم:
(كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون).

وسيأتي شرح هذه الموانع في الفصل العاشر.
ويقول الشاعر حافظ الشيرازي مشيرا إلى هذه الحجب ما تعريبه:
" لا نقاب ولا حجاب يحول دون جمال الحبيب * ولكن أزح الغبار حتى يتيسر لك النظر ".

Admin
المدير
المدير

ذكر المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 03/08/2017

https://azkar101.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الحجب الإلهية Empty رد: الحجب الإلهية

مُساهمة من طرف Admin 7/5/2019, 14:08

توضيح العلامة المجلسي في روايات الحجب:

قال العلامة المجلسي (رحمه الله) في تبيين الروايات التي هي مثار البحث:
والتحقيق أن لتلك الأخبار ظهرا وبطنا وكلاهما حق فأما ظهرها، فإنه سبحانه كما خلق العرش والكرسي مع عدم احتياجه إليهما، كذلك خلق عندهما أستارا وحجبا وسرادقات، وحشاها من أنواره الغريبة المخلوقة له؛ ليظهر لمن يشاهدها من الملائكة وبعض النبيين ولمن يسمعها من غيرهم عظمة قدرته وجلال هيبته وسعة فيضه ورحمته، ولعل اختلاف الأعداد باعتبار أن في بعض الاطلاقات اعتبرت الأنواع، وفي بعضها الأصناف، وفي بعضها الأشخاص أو ضم بعضها إلى بعض في بعض التعبيرات، أو أكتفي بذكر بعضها في بعض الروايات، وأما بطنها فلأن الحجب المانعة عن وصول الخلق إلى معرفة كنه ذاته وصفاته أمور كثيرة:
منها: ما يرجع إلى نقص المخلوق وقواه ومداركه بسبب الإمكان والافتقار والاحتياج والحدوث، وما يتبع ذلك من جهات النقص والعجز، وهي الحجب الظلمانية.

ومنها: ما يرجع إلى نوريته وتجرده وتقدسه ووجوب وجوده وكماله وعظمته وجلاله وسائر ما يتبع ذلك، وهي الحجب النورانية، وارتفاع تلك الحجب بنوعيه محال، فلو ارتفعت لم يبق بغير ذات الحق شيء، أو المراد بكشفها رفعها في الجملة بالتخلي عن الصفات الشهوانية والأخلاق الحيوانية، والتخلق بالأخلاق الربانية بكثرة العبادات والرياضات والمجاهدات وممارسة العلوم الحقة، فترتفع الحجب بينه وبين ربه سبحانه في الجملة، فيحرق ما يظهر عليهم من أنوار جلاله تعيناتهم وإراداتهم وشهواتهم، فيرون بعين اليقين كماله سبحانه ونقصهم، وبقاءه وفناءهم وذلهم، وغناه وافتقارهم، بل يرون وجودهم المستعار في جنب وجوده الكامل عدما، وقدرتهم الناقصة في جنب قدرته الكاملة عجزا، بل يتخلون عن إرادتهم وعلمهم وقدرتهم، فيتصرف فيهم إرادته وقدرته وعلمه سبحانه، فلا يشاؤون إلا أن يشاء الله، ولا يريدون سوى ما أراد الله، ويتصرفون في الأشياء بقدرة الله، فيحيون الموتى، ويردون الشمس، ويشقون القمر، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية، بل بقوة ربانية ".

والمعنى الذي يمكن فهمه ولا ينافي أصول الدين من الفناء في الله والبقاء بالله هو هذا المعنى ، وبعبارة اخرى: الحجب النورانية الموانع التي للعبد عن الوصول إلى قربه وغاية ما يمكنه من معرفته سبحانه من جهة العبادات كالرئاء والعجب والسمعة والمراء وأشباهها، والظلمانية ما يحجبه من المعاصي عن الوصول إليه، فإذا ارتفعت تلك الحجب تجلى الله لي في قلبه، وأحرق محبة ما سواه حتى نفسه عن نفسه وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب الإيمان والكفر إن شاء الله تعالى، وكل ذلك لا يوجب عدم وجوب الإيمان بظواهرها إلا بمعارضة نصوص صحيحة صريحة صارفة عنها وأول الإلحاد سلوك التأويل من غير دليل، والله الهادي إلى سواء السبيل.

Admin
المدير
المدير

ذكر المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 03/08/2017

https://azkar101.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الحجب الإلهية Empty رد: الحجب الإلهية

مُساهمة من طرف Admin 7/5/2019, 14:10

طريق أهل البحث والنظر

" العالم المادي عالم الحركة والتكامل، والنفس أيضا لتعلقها بالبدن المادي، بل اتحادها به محكوم بهذا الحكم فهي لا تزال تسير في منازل السير وتعرج على مدارج الكمال وتقترب إلى الحق المتعال، حتى تصل إلى ثغور الإمكان والوجوب فعندئذ ينتهي السير ويقف الحركة (وأن إلى ربك المنتهى) ومنازل السير هي المراتب المتوسطة بين المادة وبين أشرف مراتب الوجود، وهي بوجه ينقسم إلى مادية وغير مادية.
والأولى: هي المراحل التي تقطعها حتى تصل إلى حد التجرد.
والثانية: هي المراتب الكمالية العالية التي فوق ذلك وحيث إن نسبة كل مرتبة عالية بالنسبة إلى ما تحته نسبة العلة إلى المعلول، والمعنى الاسمي إلى الحرفي، والمستقل إلى غير المستقل كانت المرتبة العالية مشتملة على كمالات المرتبة الدانية من غير عكس، فكلما أخذ قوس الوجود في النزول ضعفت المراتب وكثرت الحدود العدمية، وكلما أخذ في الصعود اشتدت المراتب وقلت الحدود إلى أن تصل إلى وجود لا حد له أصلا ووصول النفس إلى كل مرتبة عبارة عن تعلقها بتلك المرتبة، وبعبارة أخرى: بمشاهدة ارتباطها بها بحيث لا ترى لنفسها استقلالا بالنسبة إليها، وإن شئت قلت: بفنائها عن ذاتها وخروجها عما له من الحدود بالنسبة إليها.
وبعد هذه المقدمة نقول: الحدود اللازمة لكل مرتبة العارضة لحقيقة وجود الشيء الذي في تلك المرتبة، هي التي تحجب ذلك الشيء من الوصول إلى المرتبة العالية وإدراك مالها من الكمال والعظمة، فإذا خرج الشيء عن هذه الحدود وخلع تلك القيود أمكنه الترقي إلى درجة ما فوقه فيرى عندئذ ذاته متعلقة به غير مستقلة عنه ويعرف ماله من البهاء والشرف والكمال والعظمة، فتلك الحدود هي الحاجبة عن حقيقة الوجود المطلقة عن كل قيد فالنفس الوالهة إلى اللذائذ المادية هي المتوغلة في ظلمات الحدود وغواشي القيود، وهي أبعد النفوس عن الحق تعالى، فكلما انخلعت من القيود المادية وقطعت تعلقها عن زخارف هذه الدنيا الدنية اقتربت من عالم النور والسرور والبهاء والحبور، حتى تتجرد تجردا ساميا فتشاهد نفسها جوهرا مجردا عن المادة والصورة وعند ذلك خرجت عن الحجب الظلمانية، وهي حقيقة الذنوب والمعاصي والأخلاق الذميمة، ورأسها حب الدنيا والإخلاد إلى أرض الطبيعة، وقد روى الفريقان عن النبي (صلى الله عليه وآله): " حب الدنيا رأس كل خطيئة " لكنها بعد محتجبة بالحجب النورانية وهي ألطف وأرق، ولذا كان تشخيصها أصعب، ومعرفتها إلى الدقة والحذاقة أحوج، فرب سالك في هذه المسالك لما شاهد بعض المراتب الدانية زعم أنه وصل إلى أقصى الكمالات وأرفع الدرجات، وصار ذلك سببا لتوقفه في تلك المرتبة واحتجابه بها، ونعم ما قيل:
رق الزجاج ورقت الخمر * فتشابها وتشابه الأمر فكأنها خمر ولا قدح * وكأنها قدح ولا خمر فمن شمله عناية الحق وساعده التوفيق فخصه الله بعبادته، وهيم قلبه لإرادته، وفرغ فؤاده لمحبته، وأزال محبة الأغيار عن قلبه، وأشرق له نوره، وكشف له سبحات وجهه، ورفع عنه حجب كبريائه وسرادقات عزه وجلاله، وتجلى له في سره، ثم وفقه للاستقامة في أمره والتمكن في مقامه فارتفع عنه كل حجاب، وتعلق بعز قدس رب الأرباب، فقد هنأ عيشه وطاب حياته فطوبى له ثم طوبى له. وقد ظهر مما ذكرنا أن معنى ارتفاع الحجاب مشاهدة عدم استقلال النفس فلا يوجب ارتفاع الحجب كانعدام العالم رأسا، بل إنما يوجب معاينة ما سوى الله تعالى متعلقا به غير مستقل بنفسه فلا يلزم منه محال ولا ينافي شيئا من أصول الدين والله الهادي والمعين " (بحار الأنوار: ٥٨ / 48 هامش المصدر).

Admin
المدير
المدير

ذكر المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 03/08/2017

https://azkar101.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى